بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله فجعله شاهدا و نذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وجعل فيه أسوة حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وبعد:
كتابتي سوف تكون عن أشرف و أجمل من وطأ الثريا محمد صلى الله عليه وسلم بأبي هو أمي ف والله إني لأشهد أنه أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده قد سما بأخلاقه وعلا بهمته عليه أفضل الصلاة والتسليم .
وهو مع هذا كله قد تأذى في سبيل الله آذوه حتى وصل الأذى في عرضه الشريف صلى الله عليه وسلم.
والآن نحن في هذا الزمان نشهد تطاولا عليه من قبل حمقى الدنمرك ولا والله لن يضره شيء فقد زكاه رب البشر فقال ((و إنك لعلى خلق عظيم ))
و لكن يجب علينا كمسلمين الدفاع عنه صلى الله عليه وسلم ومن صور الدفاع عنه نشر سيرته عليه الصلاة والسلام وإني من هذا الباب أستعين بالله وأتوكل عليه في نشر سيرته في المجالات المتعددة .
والله ولي التوفيق .
نسب الرسول صلى الله عليه وسلم وأسرته
اسمه:
محمد بن عبد لله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
ملاحظة:
وإلى هنا اتفق المؤرخون .
مولده صلى الله عليه وسلم و نشأته
المولد:
ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة لأول عام من حادثة الفيل .
وروى ابن سعد أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:
لما ولدته خرج من فرجي نور أضاءت له قصور الشام .
ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده , فجاء مستبشرا و دخل به الكعبة ودعا الله وشكر له. واختار له اسم محمد وهذا الاسم لم يكن معروفا في العرب.
وختنه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون .
وأول من أرضعته بعد أمه ثويبة مولاة أبي لهب .
في بني سعد:
وقد جرى عند العرب أنه يرضعون أولادهم عند البدو لتقوى أجسامهم و تشتد أعصابهم ويتقنوا اللسان العربي في مهدهم .
وقد روت لنا أمه حليمة فلندع لها المجال لتروي لنا القصة :
قالت أنها : خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر وذلك في سنة شهباء وخرجت على أتان لي بيضاء ومعنا ناقة مسنة والله ما تبض بقطرة وما ننام بليلنا أجمع من صبينا الذي معنا من بكائه من الجوع ما في ثدي ما يغنيه ولكن كنا نرجوا الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك فلقد أخرت الركب حتى شق ذلك عليهم حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء فما منا امرأة وإلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه لإنه يتيم وذلك لإنهم كانوا يرجون العطاء من والده فما بقي لي رضيع غيره فلما أردنا الانطلاق قلت لزوجي :
والله إني لأكره أن أرجع وليس معي رضيع والله لأذهبن إلى ذالك اليتيم فآخذه .
قالت :فذهبت إليه وأخذته.
قالت : ولم يجعلني آخذه إلا أني لم أجد غيره ولما رجعت به إلى رحلي فلما وضعته أقبل عليه ثديي بما شاء من لبن فشرب حتى روى وشرب معه أخوة حتى روى ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك وقام زوجي إلى ناقتنا تلك ووجدها حافل فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريا وشبعا فبتنا بخير ليلة .
قالت يقول لي زوجي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة .
قالت: فقلت والله إني لأرجو ذلك .
قالت:ثم خرجت وركبت أنا أتاني وحملته عليها معي فوالله لقد تقدمت الركب وسبقتهم حتى إنهم لم يقدروا على لحاقي حتى إن صواحبي ليقلن أي حليمة أهي أتانك التي خرجت ويلك أرفقي بنا ويقولون والله إن لهذا الصبي لشأن .
قالت: ثم قدمنا منازلنا من بني سعد وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها فكانت غنمي توح علي حين قدمنا به معنا شباعا لبنا فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن وتروح غنمي شباعا لبنا .
و والله لم نزل نرى الخير والزيادة مذ أخذنا محمد صلى الله عليه وسلم وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما قويا شديدا قالت: فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على مكثه فينا لما نرى من بركته فكلمنا أمه وقلت لها:لو تركتي أبني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة .
قالت : فلم نزل بها حتى ردته معنا .
قالت حليمه : ولم يجعلني آخذه إلا أني لم أجد غيره ولما رجعت به إلى رحلي فلما وضعته أقبل عليه ثديي بما شاء من لبن فشرب حتى روى وشرب معه أخوة حتى روى ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك وقام زوجي إلى ناقتنا تلك ووجدها حافل فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريا وشبعا فبتنا بخير ليلة .
قالت يقول لي زوجي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة .
قالت: فقلت والله إني لأرجو ذلك .
قالت:ثم خرجت وركبت أنا أتاني وحملته عليها معي فوالله لقد تقدمت الركب وسبقتهم حتى إنهم لم يقدروا على لحاقي حتى إن صواحبي ليقلن أي حليمة أهي أتانك التي خرجت ويلك أرفقي بنا ويقولون والله إن لهذا الصبي لشأن .
قالت: ثم قدمنا منازلنا من بني سعد وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها فكانت غنمي توح علي حين قدمنا به معنا شباعا لبنا فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن وتروح غنمي شباعا لبنا .
و والله لم نزل نرى الخير والزيادة مذ أخذنا محمد صلى الله عليه وسلم وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما قويا شديدا قالت: فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على مكثه فينا لما نرى من بركته فكلمنا أمه وقلت لها:لو تركتي أبني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة .
قالت : فلم نزل بها حتى ردته معنا .
شق الصدر :-
وهكذا رجع رسول صلى الله عليه و سلم إلى بني سعد حتى إذا كان بعده بأشهر وقع حادث شق صدره روى مسلم عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه – أي رد بعضه إلى بعض ثم أعده مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه فقالوا إن محمد قد قتل فاستقبلوه وقد امتقع لونه .
قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره .
إلى أمه الحنون:
و خشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه فكان عند أمه إلى أن بلغ ست سنين.
ورأت وآمنة – وفاء لذكرى زوجها الراحل- أن تزور قبره بيثرب فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ نحو خمسمائة كيلو متر ومها ولدها اليتيم –محمد صلى الله عليه وسلم – وخادمتها أم أيمن وقيمها عبد المطلب فمكثت شهرا ثم قفلت و بينما هي راجعة إذ لحقها المرض في أوائل الطريق ثم اشتد المرض حتى ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة.
إلى جده العطوف:
وعاد به عبد المطلب إلى مكة وكانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليتيم الذي أصيب بمصاب جديد نكأ الجروح القديمة فرق عليه رقه لم يرقها على أحد من أولاده فكان لا يدعه لوحدته المفروضة بل يؤثره على أولاده قال ابن هشام :كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه لا يجلس على احد من بنيه إجلالا له فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه فيقول عبد المطلب إذا رأى منه م ذلك : دعوا أبنى فو الله إن له لشأنا ثم يجلس معه على فراشه ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع.
ولثماني سنوات وشهرين و عشرة أيام من عمره صلى الله عليه و سلم توفى جده عبد المطلب بمكة ورأى قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق أبيه.
إلى عمه الشفيق:
ونهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه وضمه إلى ولده وقدمه عليهم واختصه بفضل احترام وتقدير وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه ويبسط حمايته ويصادق ويخاصم من أجله وستأتي نبذ من ذلك في مواضعها.
يستسقى الغمام بوجهه:
اخرج ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطه قال: قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش: يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فلهم فاستسق فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجنة تجلت عنه سحابة قتماء حوله أغليمة فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبه ولاذ بأضبعه الغلام وما فى السماء قزعه فأقبل السحاب من هاهنا و هاهنا واغدق و اغدودق وانفجر الوادي وأخصب النادي والبادي وإلى هذا أشار أبو طالب حين قال:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل.
بحيرى الراهب:
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم اثنتى عشرة سنة ارتحل به أبو طالب تاجرا إلى الشام حتى وصل بصرى وكان فيها راهب يعرف ببحيري الراهب فلما نزل الركب خرج إليهم وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين هذا يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له ( أبو طالب ) وأشياخ قريش : ( و ) ما علمك بهذا .
فقال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر ألا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ( و إنا نعرفه في كتبنا ) ثم أكرمهم بالضيافة و سأل أبا طالب أن يرده ولا يقدم به إلى الشام خوفا عليه من الروم و اليهود فبعثه مع غلمانه إلى مكة .
حرب الفجار :
وفى السنة العشرين من عمره صلى الله عليه وسلم وقعت في سوق عكاظ حرب بين قريش ومعهم كنانة وقيس عيلان تعرف بحرب الفجار وسببها أن أحد بني كنانة واسمه الرباض أغتال ثلاثة من رجال فيس عيلان ووصل الخبر إلى عكاظ فثار الطرفان وكان قائد قريش و كنانة كلها حرب بن أمية لمكانته فيهم سنا وشرفا وكان الظفر في أول النهار لقيس على كنانة ثم تداعى بعض قريش إلى الصلح على أن يحصوا قتلى الفريقين فمن وجد قتلاه أكثر أخذ الدية الزائدة فاصطلحوا على ذلك و وضعوا الحرب و هدموا ما كان بينهم من العداوة و الشر وسميت بحرب الفجار لانتهاك حرمة الشهر الحرام فيها وقد حضر هذه الحرب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وكان ينبل عن عمومته أي يجهز لهم النبل للرمي .
حلف الفضول:
وعلى أثر هذه الحرب وقع حلف الفضول في ذي القعدة في شهر حرام تداعت إليه قبائل من قريش : بنو هاشم , بنو عبد المطلب , وأسد بن عبد العزى , و زهرة بن كلاب , وتيم بن مرة , فاجتمعوا في دار عبد لله بن جدعان التيمى فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها و غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته وشهد هذا الحلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: بعد أن أكرمه الله بالرسالة : (( لقد شهدت في دار عبد لله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم , ولو أدعى به في الإسلام لأجبت )).
وهذا الحلف روحه تنافي الحمية الجاهلية التي كانت العصبية تثيرها ويقال في سبب هذا الحلف : أن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة و اشتراها منه العاص بن وائل السهمي وحبس عنه حقه فاستعدى عليه الأحلاف عبد الدار و مخزوما و جمحا وعديا وسهما فلم يكترثوا له فعلا جبل أبن قبيس و نادى بأشعار يصف فيهل ظلامته رافعا صوته فمشى في ذلك الزبير بن عبد المطلب وقال : ما لهذا مترك ؟ حتى اجتمع الذين مضى ذكرهم في حلف الفضول فعقدوا الحلف ثم مضوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه حق الزبيدي .
حياة الكدح :
و لم يكن صلى الله عليه وسلم عمل معين في أول شبابه إلا أن الروايات توالت أنه كان يرعى الغنم رعاها في بني سعد وفي مكة لأهلها على قراريط و يبدو أنه انتقل إلى عمل التجارة حين شب فقد ورد أنه كان يتجر مع السائب المخزومي فكان خير شريك له لا يدارى ولا يمارى وجاءه يوم الفتح فرحب به , وقال: مرحبا بأخي وشريكي .
وفي الخامسة والعشرين من سنه خرج تاجرا إلى الشام في مال خديجة رضي الله عنها وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشي تجعله لهم وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه عرضت عليه أن يخرج بمالها فوافق صلى الله عليه وسلم وخرج مع غلامها ميسرة تاجرا إلى الشام .
زواجه بخديجة :
ولما رجع إلى مكة ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل هذا واخبرها غلامها ميسرة بما رأى فيه صلى الله عليه وسلم من خلال عذبة وشمائل كريمه و فكر راجح ومنطق صادق ونهج أمين وجدت ضالتها المنشودة وكان السادات والرؤساء يحرصون على زواجها فتأبى عليهم ذلك فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منبه وهذه ذهبت إليه صلى الله عليه وسلم تفاتحه أن يتزوج خديجة فرضي بذلك وكلم أعمامه فذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه وعلى إثر ذلك تم الزواج وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر وذلك بعد رجوعه من الشام بشهرين وأصدقها عشرين بكرة وكانت سنها إذ ذاك أربعين سنة وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسبا وثروة وعقلا وهى أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
وكل أولاده صلى الله عليه وسلم منها سوى إبراهيم ولدت له: أولا القاسم و به كان يكنى ثم زينب ورقية وأم كلثوم و فاطمة وعبد الله وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر ومات بنوه كلهم في صغرهم أما البنات فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله عليهم وسلم سوى فاطمة رضي الله عنها فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به.
بناء الكعبة وقضية التحكيم:
ولخمس و ثلاثين سنه من مولده صلى الله عليه وسلم قامت قريش ببناء الكعبة كانت قدما فوق القامة ارتفاعها تسعة اذرع من عهد إسماعيل عليه السلام ولم يكن لها سقف فسرق نفر من اللصوص كنزها الذي كان في جوفها وكانت مع ذلك قد تعرضت باعتبارها أثرا قديما للعوادي التي أدهت بنيانها وصدعت جدرانها وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم بعثته بخمس سنين جرف مكة سيل عرم انحدر إلى البيت الحرام فأوشكت الكعبة منه على الانهيار فاضطرت قريش إلى تجديد بنائها حرصا على مكانتها واتفقوا على ألا يدخلوا في بنائها إلا طيبا فلا يدخلون فيها مهر بغى ولا ربيع ربا ولا ظلمة أحد من الناس وكانوا يهابون هدمها فابتدأ بها الوليد بن الغيرة المخزومي فأخذ المعول وقال: اللهم لا نريد إلا الخير ثم هدمها ناحية الركنين ولما لم يصبه شي تبعه الناس في الهدم في الهدم في اليوم الثاني ولم يزالوا في الهدم حتى وصلوا إلى قواعد إبراهيم ثم أرادوا الأخذ في البناء فجزئوا الكعبة وخصصوا لكل قبيلة جزءا منها فجمعت كل قبيلة حجارة على حدة وأخذوا يبنونها وتولى البناء بتاء رومي اسمه : باقوم. ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه واستمر النزاع أربع ليال وخمسا واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم إلا أن أبا أميه بم المغيرة المخزومي عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه وساء الله أن يكون ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه هتفوا:هذا الأمين رضيناه هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر طلب رداء وأمرهم أن يرفعوا حتى إذا أوصلوه إلى موضعه أخذة بيده فوضعه في مكانه وهذا حل رشيد رضي به القوم.
وقصرت بقريش النفقة الطيبة فأخرجوا من الجهة الشمالية نحوا من ستة أذرع وهى التي تسمى بالحجر و الحطيم ورفعوا بابها من الأرض لئلا يدخلها إلا من أردوا ولما بلغ البناء خمسة عشر ذراعا سقفوه على ستة أعمدة.
وصارت الكعبة بعد انتهائها ذات شكل مربع تقريبا يبلغ ارتفاعه15 مترا وطول ضلعه الذي فيه الحجر الأسود المقابلله10 أمتار والحجر موضوع على ارتفاع 1؛50 متر من أرضية المطاف والضلع الذي فيه الباب والمقابل له12 مترا وبابها على ارتفاع مترين من الأرض ويحيط بها من الخارج قصبه من البناء أسفلها متوسط ارتفاعها25؛0 مترا وتسمى بالشاذروان وهى من أصل البيت لكن قريشا تركتها.